من المؤسف، ومع ذلك من المعروف للجميع، أن النساء في العالم العربي يواجهن مشاكل إضافية، بجانب القضايا النسائية العالمية الشائعة. في الآونة الأخيرة، وخاصة في مناطق الاضطرابات المدنية مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا ومناطق أخرى، عانت النساء أكثر من أي وقت مضى، في بيئة تتسم بالحروب الأهلية المستمرة، وارتفاع التطرف، وتصاعد الاضطرابات. وقد أدت هذه الظروف إلى زيادة العنف الجسدي ضد النساء، بالإضافة إلى اضطهاد غير متكافئ. بجانب الصراعات، كانت الكراهية ضد النساء (النسوية) قضية رئيسية تعاني منها النساء العربيات منذ قرون.
عند تتبع خط الزمن لقضية الكراهية ضد النساء في العالم العربي، تظهر الأبحاث أن النساء العربيات في العالم ما قبل الصناعي لم يكنّ استثناءً من المعاملة التمييزية والمتحيزة ضدهن، تماماً كما في المناطق المجاورة. ولكن المشكلة تكمن في أن النساء في أجزاء أخرى من العالم تمكنّ من التحرر نسبيًا، بينما لا يزال المجتمع العربي الأبوي يخضع النساء. على الرغم من الجهود الثورية والنضال من أجل الحقوق المتساوية، بدا أن المجتمع العربي المسلم أكثر مقاومة للتغيير. إذًا، ما الذي يميز الثقافة العربية التي حافظت على أعرافها و”كراهية النساء” وسط التغيرات والتحولات المجتمعية؟
القواعد والأعراف الاجتماعية العربية، المرتبطة بالتعاليم الإسلامية، ظلت قوية في مواجهة فترات الاستعمار والتغيرات اللاحقة في القرن العشرين، وأثناء دخول الحداثة. يمكن اعتبار الهياكل التقليدية للقواعد القبلية (بما في ذلك التضامن والاعتماد المتبادل) أساسًا يحكم ويحدد الأدوار المجتمعية، وبالتالي حماية النساء وتأمينهن ضمن الأسرة الممتدة أو القبيلة. وبهذا، لا يمكن لأي امرأة الادعاء بالاستقلال أو التمرد ضمن هذا التسلسل الهرمي والأدوار المحددة مسبقًا.
في هذا الهيكل، تظل المرأة “قاصرًا” طوال حياتها، خاضعة للوصاية الذكورية بدءًا بأفراد أسرتها المباشرين (الأب والإخوة)، ثم للزوج، الذي يصبح الضامن والمُعيل ما دام الزوجة تظهر وتلتزم بالطاعة. في مثل هذه الدائرة الأسرية المحمية والمترسخة، لا تستطيع النساء حتى تخيل أو السعي إلى حياة أخرى بلا مهارات لمواجهة العالم الخارجي.
هناك عاملان مهمان يحكمان تنظيم المجتمع العربي فيما يخص النساء: الوصاية وكرامة الأسرة (الشرف). الوصاية هي مفهوم قبلي يعني أن المرأة تنتمي إلى جماعتها الذكورية النسبية، ما يعني أن الوصي الذكر مسؤول على مستويات متعددة، اقتصاديًا وقانونيًا وأخلاقيًا، عن “امرأته”. والعنصر الثاني هو كرامة الأسرة أو الشرف، حيث يعتمد شرف الرجال على سلوك النساء في أسرهم. وبهذا، تمثل سمعة المرأة داخل الأسرة مكانة الشرف والهيبة للعائلة. هذه المبادئ الثقافية تتحكم بالعلاقات المجتمعية وتُكرّس التقليد الأبوي.
في الختام، بالنسبة للنسويات العربيات مثلي، يجب تحليل جذور وأصول الكراهية ضد النساء بعناية وفهمها عند محاولة تفسير قضايا النساء العربيات. يبدو أن الأبوية والكراهية ضد النساء هما قضيتان مترابطتان تحتاجان لمزيد من الفهم والبحث.