الدجل والخرافات والخزعبلات تنشط في زمن الأضطرابات والكوارث والامراض، ويطفو على السطح مرض الجهل الذي يكون حليفا قويا لفيروس كرونا. تشهد الارض موجة من انتشار مرض الكورونا في جميع انحاء العالم وتم اتخاذ الإجراءات لمواجهته ومنها منع التجمعات بمختلف اشكالها وخاصة الدينية، ما دفع العديد من رجال الدين في العراق إلى استغلال العاطفة لدى فئات البسيطة من المجتمع للتمرد على الاصوات التي خرجت لتطالب بالوقاية ورفض فكرة إغلاق المراقد الدينية من خلال انشاء ودعم ظاهرة التجهيل واشاعة ظلمة الجهل، ليخرج علينا احد رجال الدين متحديا بانه لن يصيبه وباء كورونا حتى لو قبل شخصا مصابا بهذا الفيروس بفضل ايمانه وحبه للإمامة المعصومين، والأكثر من ذلك يهاجم اصحاب العقل والعلم ويتهمهم بمحاربة “العقيدة الدينية”، متجاهلا بانه اول من اساء للدين والمنهج الصحيح الذي يدعو للتعامل مع القضايا بواقعية بعيدا عن الخرافات والخزعبلات التي تنشط مع وجود الجهل والتخلف. ان الجهل موجود في كل الاماكن وان الايمان بالخرافات هو كلنار في الهشيم وان بعض رجال الدين ومع الاسف هم الذين يغذون النار بالحطب اي بمعنى اخر هم من يدعمون الجهل للحفاظ على مكانتهم ومناصبهم. واليوم ونحن نواجهة اخطر وباء يهدد البشرية مع الغياب العلاج المناسب للقضاء عليه، بعد ان عجزت دول كبرى من الصمود أمامه. ونجد ان بعض من رجال الدين في العراق يحرض الناس على التمرد وعدم الاستماع لجميع تلك الرسائل من خلال دعوتهم للخروج والتجمع في المسيرات الدينية وكسر حظر التجوال الذي أوصت به الجهات الصحية، بحجة ان الفايروس لا يصيب المؤمنين المخلصين في إيمانهم، ولا المسلمين الملتزمين بأحكام الشريعة، لان الفيروس عقاب للبشر على ما كسبت أيديهم، وهو ما صرح به رجل الدين قاسم الطائي في العراق. ونرى مقتدى الصدر، احد رجال الدين الجهلة، الذي دعى أنصاره إلى إتمام زيارة مرقد الإمام الكاظم، ما دفع اتباعه من الجهلة إلى التوجه نحو مدينة الكاظمية في بغداد بالآلاف رغم سريان حظر التجوال. في حين دعى الدجال حازم الأعرجي على ضرورة رفع رايات تحمل صور الأئمة فوق المستشفيات كي لا يصاب الناس بالمرض واضاف الاعرجي “ان العلماء يوصون بزيارة الإمام الكاظم عند المرض، وأن قبر موسى بن جعفر ترياق، هو مكان مجرب ودواء مجرب، وان الامام هو طبيب بغداد، مؤكدا أن الامام هو بر الأمان للمرضى. ونسمع برجل دين اخر مضلّ يدعو الناس إلى حرق وتبخير الأعشاب مثل “مادة الحرمل” داخل المستشفيات على سبيل المثال، واخر اقترح بالتجمع في المراقد والمزارات الدينية في العراق، قائلاً “إن المرض لن يتفشى لو تجمع الناس بشكل كبير في المراقد الدينية لأنها ستكون حامية لهم، معتبراً أن هذا الفيروس لا يصيب الناس الذين لديهم ايمان بالأئمة المعصومين ، بحسب زعمه. يقول احد الحكماء إن الجهل مصدر كل الشرور، فالجهل مع الدين إرهاب، والجهل مع الحرية فوضى، والجهل مع الثروة فساد، والجهل مع السلطة استبداد، والجهل مع الفقر إجرام، وهو أسوأ آفة قد تبتلى به أي أمة. إن الجهل ليس مجرد مشكلة فردية بل هو خطر ووباء يهدد مجتمعات كاملة وحضارات، فكم من حضارة قضت على الجهل وامتدت لعشرات السنين وكم من حضارة هزمها الجهل وأفناها.