رحلة النزاهة الصدرية

عندما تطوف بناظريك وانت تتجول في انحاء العراق وخصوصا بغداد سوف يلفت نظرك العدد الهائل من اللافتات الانتخابية مع شعاراتها الرنانة التي يتندر علها الشعب ويسخر منها وبلا مبالاة ادار الشعب  ظهره لها لعلمه بسيناريو وفصول المسرحية الهزلية فجلس اغلبية الناس في بيوتهم وبقي المسرح فارغا يرجع صدى تهارش الممثلين وتصارع القوى الظلامية القابعة على انفاس البسطاء الذين تجردت من هم الحول والقوة الا همسات وصيحات مكبوتة ومقهورة تنطلق من هنا وهناك متفجرة تحت ضغط العوز والفقر والجوع والحرمان وغياب الامن والامان والاختفاء النهائي لأبسط البنى التحتية (الماء الملوث الاسن والكهرباء التي لا يمكنها تشغيل مصباح اما البقية الباقية فذهبت في مهب العدم) فتسمع صيحات العجائز والشباب والرجال وحتى الاطفال وهم يئنون تحت اطلال من الهم والحزن ولد عندهم جبال من العجز والكسل الذي دق اعناق الناس واقتلع من القلوب الحياة فصار الناس في العراق احياء اموات بعثوا من ارض الزومبي ….، كانت شعارات الحملات تبعث رسائل الى الشعب بكل طبقاته وخصوصا طبقة الحراك الشعبي التي انبثق منها المتظاهرون، كان صدى امام انظار الشعب المترنح حمل شعار التيار الصدري صورة العصا من نوع الطراز القديم الذي يحمله كبار السن ولكن لونها كان اسود وتقبض عليه يد حديدية في اشارة الى ان سياسة التيار ستكون مبحرة في طريق العصا لمن عصا وهي شيعية بدليل لونها الاسود وانها من تراث الاب المؤسس محمد الصدر فهي اذن رسالة تهديد ووعيد يرسلها الصدر الى اطياف وطبقات الشعب بان المسقبل يضم في طياته صفحات من ايام عهد صدام القوة والبطش وترى هذه اللمحة يريد مقتدى ان يضفيها على شخصيته المهزوزة من خلال صور يظهر فيها مقطب الجبن والوجه مع ملامح الغضف والاشارة بأصبع السبابة دليل على صرامة التعامل مع الموقف.

ولم يكن المالكي (الزعيم) -كما يحلو له اطلاقه هذا اللقب على نفسه- حيث استعمل شعار المطرقة ولا ندري هل دلالاتها على مطرقة القاضي العادل ام مطرق القتل وودق الاعناق بعد قطع الارزاق، وبعض الشعارات حملت الاحلام الوريدية المستحلية المنال مثل شعار – نريد دولة – او نريدها دولة وهو احد الاعترافت الهزلية لهذه الحزاب والكتل السياسية بأنهم مع كل الامكانيات والمساندة الدولية لم يستطع العقل الرجعي في اطرافه الشيعية والسنية وغيرها من الاحزاب الى الان لم يستطيعوا ان ينشئوا دولة ليس من العدم بل حتى ولو على انقاض الدولة التي سبقتهم استمر هذا الكابوس جاثم على صدور الساسة والوجوه التقليدية لمدة ثمانية عشر سنة ولم يتحقق حلمهم الوردي بالدولة حتى صدق فيهم قول الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد:

هُم یَصنَعُونَ عِراقاً لا عِراقَ بِهِ    ثالوثُهُ الفَقْرُ والإجرامُ والعَوَق                                                

وَیَصنَعُونَ عِراقاً لا ضَمیرَ لَه     لا روحَ فیهِ ولا قَلْبٌ ولا خُلُقُ

هُم یَصنَعُونَ عِراقاً حَجْمَ أنفُسهِمْ    سیماؤهُ الجَهْلُ والحِرمانُ والفِرَقُ

                                              

والمضحك المبكي ان جلاد الامس العشماوي (مقتدى الصدر) الذي مازلت يده تقطر من دماء الشعب الابرياء وعباءته العنصرية الرجعية التي طورت تحتها نتن الجثث والآهات والالام لمئات العوائل بين اب مفجوع وام ثكلى وابن حرم من ابيه او خيه غيبت احبابهم حفر وسراديب جيش المهدي التي ضاقت بجثثهم فصار ويلقونها على سكك القطار والسدة (وهي منطقة ترابية منقطعة خارج بغداد تلقى فيها جثث المخطوفين من الشعب) بحملة مسعورة استهدفت أهل السنة في بغداد ومحافظات الوسط وجنوب العراق قتل على أثرها الآلاف من الابرياء على الهوية من قبل مليشيا جيش المهدي. ولا ننسى تحويل مدينة الطب في بغداد لفخ كبير لقتل المعارضين وكانت ميليشيات الصدر، هي العاملة في تصفية المعارضين في مدينة الطب تحت قيادة حاكم ‏الزاملي وكانت تقتل المدنيين وتبيع الجثث لعوائلهم وكانت في أغلب الأحيان ‏عندما يذهب ذوي المقتول لدفع الفدية كانت تصفيهم الميليشيا.

وكانت مليشيات مقتدى مسؤولة عن تفجير أكثر من 200 مسجد في بغداد وما زال إلى الآن عالق في الأذهان مشهد تعليق مؤذن جامع فتاح باشا في بغداد في المئذنة وتفجير المئذنة به، واستولى جيش مقتدى على مساجد أخرى، ومساجد أخرى وحولت للمكبات للنفايات ورعي الأبقار. والاستيلاء على عدد كبير على الآلاف من المنازل للعرب في مناطق بغداد والمحافظات بعد تهجير أهلها منها أو قتل من وقع منهم بين أيديهم وهذا وبالإضافة الى الاستيلاء على محال ومخازن ومصادرتها ومصادرة آلاف الدوانم من الأراضي الزراعية في مناطق ديالى وبابل وحزام بغداد لتصبح تحت تصرف ميليشيا جيش المهدي. وهذا بالإضافة الى سرقة المليارات من أموال الشعب العراقي من خلال عدد كبير من الوزراء ‏والنواب التابعين للتيار الصدري الذين شاركوا بالحكومات العراقية.

وكيف ننسى جرائم اصحاب القبعات الزرق التابعون للتيار مقتدى الصدر وأنصاره بحق متظاهرين تشرين في بغداد والنجف والناصرية. عندما زعم مقتدى انه كان الغرض من انشاء القبعات الزرق أن تكون حيادية وبدون سلاح لفك الاشتباكات، ولكن سرعان ما كشفت عن وجههم البشع وتحولت إلى سلاح إيران ضد كل تغيير، فهي تريد أن تحارب بهم أمريكا، وتخفف بهم من وطأة الحصار المفروض عليها. فراحت تنتشر في أنحاء بغداد والنجف وغيرها من المحافظات واخذت بحمل الهراوات “التواثي باللهجة العراقية” والعصي والأسلحة البيضاء مثل السكاكين، إضافة إلى الأسلحة النارية، وقاموا بحرق خيام المعتصمين السلميين وقتلهم بدم بارد، سواء بإطلاق النار أو الطعن بالسكاكين والضرب بالهراوات، بحجة الحافظ على النظام، بينما هدفهم الخفيّ هو تفكيك هذه المظاهرات ووأد ثورة الشعب العراقي والإبقاء على نظام المحاصصة الطائفية والفساد. ووصلت جرائمهم إلى حد رمي أحد المتظاهرين من أعلى المطعم التركي ذي السبعة طوابق، ليسقط شهيداً مضرجاً بدمائه.

وأبدع مقتدى بنشر فتاوي التطرف والارهاب والدعوة الي الثورات بعدد من ‏الدول العربية وذلك بالتنسيق والاتفاق مع النظام الإيراني. ما دفعه الى فتح معسكرات بخارج بغداد تحت إشراف قادة من حرس الثوري الايراني ‏لتدريب ارهابين عرب لأجل بث الفوضى والعنف بعدد من الدول العربية. ‎

‎اليوم حصدت الصدرية الأغلبية في البرلمان فمرحبا بعراق الحرية والعدالة والديمقراطية. عراق كان ومازال يحمل شعار على قدر اهل العزم!!! تكون النهائب والسلائب والقتل والتهجير والطائفية. هذه هي عزائم سياسيو العراق وهم الامتداد الطبيعي للأسلافهم الاربعين حرامي فهل من كهرمانة تصب فوق رؤوسهم الزيت وتفضحهم؟؟؟!!!!

1 فكرة عن “رحلة النزاهة الصدرية”

التعليقات مغلقة.