يعلم الكثيرون حول العالم بالقضايا التي تواجهها النساء في الشرق الأوسط، وبالأخص في العراق. ومن تجربتي الشخصية في العيش بالعراق، ومع وجود عقلية التمرد لمواجهة المعتقدات التقليدية، يصبح من المستحيل على النسويات وناشطات حقوق النساء الدفاع عن قيمهن دون أن يتعرضن للاضطهاد. بعد حرب 2003، ظهرت موجة نسوية جديدة أدت إلى تحولات في ديناميكيات حقوق النساء، لكنها أدت للأسف إلى ركود بدلاً من تقدم في الحرية المنتظرة منذ زمن طويل.
في إطار الحركة الثورية المجتمعية الأخيرة، تغيرت الديناميكيات نحو تفاقم أوضاع النساء، حيث واجهن تغييرات دراماتيكية تتعلق بتدهور الحقوق المدنية. ظهرت موجة نسوية جديدة مع تولي النساء أدوار قيادية والمشاركة في النشاط السياسي، كما ظهر في الاحتجاجات السلمية العراقية بين 2019 و2021. ومع توليهن هذه الأدوار، تصاعدت انتهاكات حقوق النساء خلال هذه الاضطرابات المدنية. في هذا السياق، يقدم تقرير لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أدلة على تعرض المتظاهرات العراقيات لقمع أشد من بين جميع الاحتجاجات. تتلقى هؤلاء النساء تنديدًا علنيًا من كبار رجال الدين بسبب تحديهن للمعايير الجندرية السائدة والدفاع عن حقوق النساء. وكالعادة، فشلت الحكومة في منع العنف والتحقيق في الجرائم المستمرة ضد النساء، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع. ونتيجة لذلك، يبدو أن انتهاكات حقوق النساء تتبع نمطًا مستمرًا.
على المستوى المجتمعي، تواجه النساء باستمرار قضايا أخرى إلى جانب التشويه والتمييز الجنسي وتدهور حقوقهن. في بيئة محددة بصراعات مستمرة، وصعود الإرهاب والتطرف، وتثبيت القيم القبلية في القانون، تعاني النساء أكثر من ذي قبل. كل هذا أدى إلى مستويات عالية من العنف الجسدي والجنساني، بالإضافة إلى ظواهر وممارسات متصاعدة من التمييز وعدم المساواة. وتزداد هذه الظواهر تعقيدًا بسبب الأعراف الاجتماعية والثقافية الذكورية، التي تحمي المجرمين من العقاب اللازم.
بشكل جماعي، ومع إدراك النساء ومطالبتهن بالتحرر الطويل الانتظار من حكوماتهن ومجتمعاتهن القمعية، تواجههن موجة متصاعدة من العنف. ومع زيادة عمليات الاغتيال والخطف للناشطات النسويات مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العراقية، يزداد القلق حول مستقبل حقوق النساء ويشير إلى تصاعد العنف أكثر. للأسف، تدفع النساء ثمن نضالهن من أجل الحقوق الأساسية.