ان الاعلام هو وسيلة لنقل الخبر أو وجهة النظر أو كليهما من طرف إلى طرف آخر وان مخاطره اصبحت طاغية على محاسنه فان الاعلام هو سلاح ذو حدين قد ينفع او يضر، وقد يدمر او يقوم بأحياء السلام بين الشعوب إذا استخدم بالطرق المنهجية الصحيحة. يقول مالكوم اكس “وسائل الاعلام هي الجهة الأقوى على وجه الأرض ولديها القدرة على جعل الأبرياء مذنبين وجعل المذنبين أبرياء وهذه لأنها تتحكم في عقول الناس”. ان الاعلام هو البوصلة التي تحدد اتجاهات الرأي العام وتؤثر فيها بشكل مباشر، وقد يكون له دورا ايجابيا باعتباره السلطة الرابعة التي تراقب إداء الحكومة ومجلس النواب وتشير الى مواطن الخلل في الإداء، وربما تساعد في تصويب الأخطاء، وقد يكون للإعلام دورا سلبيا عندما يطبل ولكن في العراق يوجد اعلام ثالث وهو الإعلام الممول من الخارج ويخدم أجندة اجنبية تعمل ضد مصالح الشعب العراقي، اعلام يخالف الدستور العراقي، وتحمية السلطات الثلاث، وهذه مفارقة لا توجد الا في العراق والدول الخاضعة لولاية الفقيه
لقد فرضت إيران سيطرتها على صناعة الرأي العام في العراق منذ عام 2003، عبر دعمها لإنشاء مجموعة من القنوات الفضائية لأحزاب ومليشيات طائفية عراقية تحت خيمة اتحاد الاذاعات الاسلامية العراقية التابع لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، إضافة إلى هيمنة هذه القوى على “شبكة الإعلام العراقي” الحكومية، وإبعاد المكونات الأخرى. فقد تأسس اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية عام 2007 ويضم حوالي (210) عضوا من عدة بلدان. ويقوم القسم الدولي بتمويل أكثر من (60) شبكة تلفزيونية تابعة له، إضافة إلى نحو 200 إذاعة جميعها تبث بلغات غير فارسية، يق، و(600) إذاعة دولية ومحلية، وأكثر من (5000) محطة إخبارية، ونحو (50) وكالة أنباء تنشر أخبارها بلغات غير الفارسية، في أرجاء العالم، ومعظمها يعمل من خارج إيران.
ان هذه القنوات الاذاعية والتلفزيونية هي بمثابة بيدق بيد أحزاب السلطة الفاسدة وميلشياتها في العراق وان جميع اصحاب هذه القنوات لديهم أذرع في البرلمان ويسيطرون على الكثير من المناصب الأمنية والوزارات في العراق علاوة على نفوذهم الكبير في سلطة القضاء. لقد دأبت هذه الأذرع الإعلامية المسيطر عليها من قبل إيران على تزييف الحقائق في كثير من المناسبات من خلال بث خطاب الكراهية وتغذية الروح الطائفية والعنصرية بين أبناء العراق وشيطنة بعض المكونات من الشعب العراقي واتهامهم بالإرهاب او العمالة والتشهير بالمتظاهرين السلميين والزعم بأن التظاهرات كانت مدعومة من دول الاستكبار العالمي والشيطان الأكبر. وهذا بالإضافة الى الترويج لفكرة ولاية الفقيه ونشر التخلف الفكري من خلال الترويج للعقائد الرجعية، والشعائر والطقوس الدينية المتخلفة. ولم يقتصر دور هذه القنوات على تلميع صورة إيران فقط وانما أيضا تعدى الى تنفيذ توجيهات وتوصيات الحرس الثوري الايراني، وتقديم المعلومات للمخابرات الايرانية الموجودة في العراق بأغطية مختلفة كرجال دين، وكإعلاميين، ومنظمات انسانية وبنوك، وتجار وغيرها.
ان الدعم الإيراني المالي لتغطيت نفقات هذه القنوات والاذاعات لم يكن هو الوحيد وانما سعت لقد هذه القنوات والاذاعات من خلال أحزابها الولائية الفاسدة للحصول على مصدر تمويل ثاني الا وهو السيطرة على موارد العراق ومقدراته السياسية والاقتصادية والسيطرة على موارد النفط. وما ظاهرة الفساد المالي والإداري المنتشرة من أعلى الهرم في الحكومة العراقية التي تولَّت الحكم من بعد عام 2003 وإلى يومنا هذا إلا دليل آخر على قوة هذا المصدر التمويلي للأحزاب. وهذا بالإضافة الى مصادر أخرى مثل زكاة الخمس والمنافذ الحدودية ومزاد بيع العملة والعقود والاستثمارات الوهمية والتجارة بالمخدرات والتهريب ….الخ. أن توفير بيئة عمل إعلامية تتسم بالشفافية وإتاحة المعلومات من مصادرها يعد أحد الطرق لمكافحة هذه القنوات المضللة. فلنحرص جميعا على خلق وعي مضاد بمقاطعة وحذف قنوات الفتنة والتحريض من أجهزة الاستقبال، ولنحاول استصدار قرارات لوقف بث هذه القنوات من أقمارنا الصناعية، ولنكون مجموعة من الإعلاميين ذوي الخبرة والكفاءة لمجابهة إعلامهم الضال والمضل.