الوجه الحقيقي لسلطة المرجعية

ليس هناك شك تاريخيا بان المرجعية الشيعية في النجف والأحزاب الدينية الشيعية كانت ومازالت المسؤول الاول عن الخراب والدمار والفساد السياسي والاقتصادي والثقافي الذي يجري في العراق ما بعد عام 2003، مثلها مثل القيادات الكردية ومنهجها غير الوطني والتقسيمي والعنصري، وكذلك مثلها مثل ما يسمى بالقيادات السنية التي تهافتت على مشروع تجزأت العراق وفدرلته وتحاصصه تمهيدا لتقسيمه. فبعد عام 2003 لم تكتف المرجعية بدور المتفرج وانما ذهبت إلى ابعد من ذلك عندما استخدمت منابرها المسيسة لدعم التصويت في الانتخابات الصورية الزائفة لمصلحة محصورة طائفيا بدائرة نفوذها. فعملت على تشجيع قيام تحالف شيعي طائفي يقبض على السلطة ويجعلها خاتما بأصبعه. ثم ذهبت للإفتاء بحرمة عدم التصويت بنعم للاستفتاء على الدستور الباطل الذي شرعن نهاية العراق. فبعد ان كشفت الأيام حقيقة ان الفساد الذي يجري في العراق هو ليس فساد اشخاص العملية السياسية التي باركتها المرجعية عرفيا وليس تحريريا فقط وانما فساد العملية السياسية برمتها منهجا ودستورا وعقلية وغاية ووسيلة، فراحت مرجعية السيستاني تتبرأ من الوضع القائم وتحمل بعض الاحزاب الفاسدة والشخصيات مسؤولية التدهور الحاصل، ليس لأنها مهتمة بالإصلاح الحقيقي والتغيير الوطني وانما خوفا من انهدام المعبد عليها وعلى من دعمت. وما كان انتقاد ممثليها في خطب الجمعة لبعض سلبيات الوضع السياسي الحالي إلا محاولة منها لمنع خروج الوضع عن السيطرة. فراحت تدعو لامتصاص نقمة الناس مع الحفاظ على سقف مطالبهم بالترقيع وليس التغيير الجذري. فهي تخشى ان يخرج الناس مطالبين بأسقاط الطبقة السياسية الفاسدة برمتها التي لا غنى للمرجعية عنها لأنها ضمانها لوصايتها والتي يستفيد منها كل مهتم برفع راية الطائفية الشيعية حتى ولو على حساب العراق. فتبنت موضوع حصر كل المشكلة بوجود بعض الفاسدين على رأس السلطة وصارت تدعو لاستبدالهم املا بالنزاهة المفقودة متغاضية عن حقيقة مره مفادها بان الوضع السياسي بمجمله غير نزيه، بما فيه دور المرجعية. ان حالة النفاق والتناقض التي عاشتها مرجعية السيستاني كانت ملازمة لفترة ما بعد 2003 فهي لم تكن نزيهة في تعاطيها السياسي ناهيك عن الطبيعة اللا وطنية لهذا التعاطي، هي تتدخل حتى النخاع بالسياسة وتدعي غير ذلك، وعندما يجدر بها التدخل لا تفعل وان فعلت فان الطائفية المبطنة والمغلفة بالتعميم الذي يغطي على حقيقة منطوقها حفاظا على مكاسبها السياسية والمالية. ان المرجعيات الدينية (في النجف وقم) تعرف تماما ان علوا الصوت الوطني العراقي سوف يؤدي الى تحجيم دورها ودور الهويات الطائفية، وانه على يقين ان اي ثورة شعبية عراقية حقيقية قائمة بمراجع وطنية اصيلة سوف تؤدي الى سحق ونسف النفس الطائفي الذي تبنته، فهي لا تستحق المكانة السياسية الحالية وان الشعب العراقي بحاجة الى إجراء مراجعة شاملة لتاريخ المرجعية النتن من أجل وضعها في المكان الصحيح وتحجيم دورها بحيث لا تكون حجر العثرة أمام طموحات الشعب العراقي وتطلعاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.