“عندما يصبح النهب أسلوب حياة لمجموعة من الرجال في المجتمع مع مرور الوقت سوف يخلقون لأنفسهم نظامًا قانونيًا يأذن به ومدونة أخلاقية تمجده.” فريديريك باستيات.
ساعدت إيران في إنشاء ميليشيات في العراق لفرض سيطرتها على العراق فكانت إيران تعمل على دعم الميليشيات مالياً وعسكريا ولكن العقوبات الأمريكية المفروضة على الحكومة الإيرانية غيرت الوضع بالنسبة لهذه الميليشيات فاصبحت هذه المليشيات الممول الاول لطهران باستخدام الموارد العراقية التي يحتاجها الشعب العراقي لتحسين ظروفهم الاقتصادية المتدهورة. ان المليشيات العراقية المسلحة التي لها علاقات وثيقة مع إيران موجودة في اغلب محافظات العراق وبالتالي أصبحت معضلة للعراق. ووفقاً للأكاديمية العسكرية الأمريكية انه بعد عام 2014 أنشأت الميليشيات العراقية إمبراطوريات تجارية ونظامًا اقتصاديًا معقداً للسيطرة على موارد العراق واستخدامها لدعم إيران وأتباعها مالياً وأصبحت هذه الشبكة الموسعة ممثلة بسلطة الحشد الشعبي بقيادة أبو مهدي المهندس أكثر بروزًا في عام 2018. حيث بلغت قوة الميليشيات ذروتها بعد أن تولى عادل عبد المهدي منصب رئيس الوزراء فسيطرت الميليشيات على مكتب رئيس الوزراء من خلال مديره أبو جهاد الهاشمي القيادي في منظمة بدر، علما ان الهاشمي كان على صلة وثيقة بقائد فيلق القدس قاسم سليماني فوسعت الميليشيات سيطرتها على القطاع التجاري لخلق نظام اقتصادي قوياً وتحويل مبالغ كبيرة من المال إلى حسابات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله.
تشير المصادر الاعلامية، ان احد مصادر التمويل هي تحويل ملايين الدولارات إلى الميليشيات كل يوم من خلال بعض رجال الأعمال العراقيين المرتبطين بطهران ومعظم هؤلاء رجال الأعمال يملكون بنوك خاصة تؤمن إيران بالعملة الدولية الصعبة، مستغلين مزادات البنك المركزي العراقي لبيع الدولارات. اما المصدر الثاني كان من خلال سيطرت الميليشيات على حقول النفط الصغيرة في عدة مناطق واستخدمت شبكة من شركات الشحن التابعة لبعض الميليشيات في البصرة لتهريب النفط المسروق من هذه الحقول. وللتهرب من العقوبات الأمريكية، فقد ساعدت الميليشيات في تهريب النفط الإيراني عبر الموانئ الحدودية مع العراق، ثم أعادت تعبأته وتصديره كنفط عراقي. وتعد المواني العراقية من أهم المصادر المالية للميليشيات حيث قامت بأنشاء مكاتب خاصة لكل ميليشيا تسمى “المخلص الجمركي” التي تسهل استيراد وحماية السلع مقابل المال وأي تاجر او مستورد يحاول تجنب او التملص من دفع المال لهذه الميليشيات فإنهم سوف يقومون بتهديده وإبتزازه حتى يتم دفع المبلغ المطلوب وإلا ستبقى بضاعته في السفن. ومن المصادر المالية الاخرى لهذه المليشيات كانت من أخذ عشرات الملايين من الدولارات كل شهر من خلال تسديد مرتبات الموظفين باستخدام أسماء مزيفة وإصدار البطاقة الإلكترونية التي تم تصميمها لدفع رواتب الموظفين في العراق. قامت المليشيات ايضا بأنشاء قوة عقارية ضخمة في العراق من خلال استغلال نفوذ قادتها للسيطرة على سوق العقارات في البلاد.
ان قادة المليشيات والاحزاب في العراق كانوا هم احد اسباب الفساد الاداري والمالي المستشري في العراق. ومن احد هولاء القادة هو المجرم شبل الزيدي الذي يعتبر القائد والأمين العام لكتائب الإمام علي والمنسق المالي بين قوات الحشد الشعبي وقوات فيلق القدس الايراني. اليوم يعتبر الزيدي واحداً من أغنى الرجال في العراق بعد توليه وزارة الاتصالات العراقية واستياءه على الكثير من العقود التابعة لشركات الاتصالات من خلال ابن عمه إدريس الزيدي، بالاضافة الى ذلك قام الزيدي بسرقت رواتب الجنود بإضافة أسماء مزيفة إلى جدول الرواتب.
يعتبر محمد الكوثراني وشقيقه القياديان في احدى المليشيات العراقية احد رموز القتل والفساد في العراق، فقد استخدما أساليب غير قانونية للحصول على عقود وهمية بعد تعيين علي تقي (أحد قادة منظمة بدر) مديراً لمطار بغداد الدولي الذي قام بمنح عقد لنقل الامتعة في مطار بغداد الى شركة خاصة مرتبطة بميليشيا كتائب حزب الله العراقية.
ولاننسى مافعله المجرم قيس الخزعلي، قائد ميليشيا عصائب أهل الحق، وشقيقه ليث الخزعلي عندما سيطرا على حقول النفط فلقد قاموا بأحداث فتحات في أنابيب النفط لسرقة النفط وبيعه للشركات التي تنقل النفط عبر مناطق اقليم كردستان العراق. بالاضافة ال قيام ميليشياتهم بتفكيك بعض أجزاء من مصفاة بيجي شمال بغداد وبيعه بأسعار زهيدة الى ايران. وايضا حصولهم على عقود صيانة وتنظيف في مصفاة بيجي لتضمن بقائهم في المصفاة تحت غطاء صيانتها. ولم يكتفوا بذلك فبعد زيادة مواردهم المالية أسسوا شبكة اقتصادية ضخمة خارج العراق لتهريب الأموال إلى الخارج العراق.
هناك اكثر من مقترح لتعطيل عمل تلك الميليشيات فالمقترح الاول هو توسيع العقوبات المفروضة على المليشيات لقطع التمويل عن إيران وكبح تدخل إيران في المنطقة. الاقتراح الثاني هو تعزيز الجيش العراقي من خلال التسلح الجيد، وإعادة تنظيم هيكلته، وتحريره من التحزبية والطائفية، حتى لا يكون ولاء الجيش لعقيدة معينة أو حزب معين وانما يكون ولاء الجيش للوطن. اما الحل الاخر فهو يكمن في حل جميع المليشيات وحصر أسلحتها لإخضاعها لسيطرة الحكومة. ولكن الحقيقة هي انه من الصعب تطبيق هذه الحلول بسبب ان الحكومة الحالية طائفية وتحزبية ومليشياويه وبالاضافة الى ان الدولة ليست قوية بما يكفي لمحاربة الميليشيات في الوقت الحالي.