يحتل العراق بما في ذلك إقليم كردستان المرتبة السابعة عشرة في أكثر الدول فسادًا في العالم، بالقرب من قاع التصنيف، حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية المعنية بمكافحة الفساد لسنة 2019 مما يعزز حقيقة أن الكسب غير المشروع يمثل مشكلة متوطنة في العراق وكردستان العراق، وكان العراق بالمرتبة 162 من اصل 180 دولة تم فحصها في الدراسة السنوية. ان الاحتجاجات المستمرة المناهضة للحكومة التي تجتاح بغداد والمحافظات الجنوبية التي راح ضحيتها اكثر من 1000 شخص بين قتيل وجريح كان سببها هو أن الحكومة العراقية فاسدة بصورة أساسية وان معظم ثروات الدولة خاضع لسيطرة الاحزاب والمليشيات الفاسدة بما فيها اقليم كردستان العراق. لسنوات عديدة ، اتهمت منظمات الشفافية والمشرعون والمراقبون والمنظمات الدولية كبار مسؤولي الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق بالفساد، لا سيما فيما يتعلق بمصادرة إيرادات نفط.
ان العراق يواجه تحديات فساد ضخمة على رأسها غياب النزاهة السياسية وكثيراً ما يشير السياسيون في العراق وإقليم كردستان إلى دعمهم الخطابي لتدابير مكافحة الفساد لكنهم لم يحرزوا أي تقدم في حل المشكلة. وفقًا للمشرعين الأكراد والمستندات المسربة تعتبر كردستان الجزء الأكثر فسادًا في العراق وان هناك مليارات الدولارات المفقودة من عائدات نفط كردستان العراق. كما هي العادة توجه الاتهامات الى عشيرة البارزاني الحاكمة بشكل روتيني من قبل النقاد بالاختناق وجمع ثروة ضخمة من تجارة النفط للعائلة بدلاً من خدمة السكان. ان زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس السابق مسعود البرزاني لا يزال أقوى زعيم في الظل وفقا للمحللين ومن بعده يأتي نجله مسرور (رئيس وزراء إقليم كردستان) وابن أخيه نيشيرفان بارزاني (رئيس إقليم كردستان). كما اتهمت منظمات الشفافية والمراقبون عائلة طالباني وحلفائها بشكل روتيني بالفساد وجمع ثروات ضخمة من تجارة النفط في المناطق التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
إن الكثيرين يتحدّثون عن إنجازات الإقليم الكردي على صعيد مكافحة الإرهاب ومحاربة تنظيم داعش والعمران والأمن وهذا صحيح. ولكن لا أحد يتحدّث عن مكافحة معدّلات الفساد والفقر والبطالة والأميّة والعنف ضد المرأة التي ينبغي أن تكون في أعلى سلّم أولويات الحكومة والكرديّة في كردستان العراق. فإقليم كردستان بالرغم مما يبدو عليه من نهضة عمرانية يقاسم سكانه العراقيين فقرهم وعوزهم وشعورهم بالظلم بسبب غياب العدالة في توزيع الثروات والتفاوت الطبقي بين الحزبيين وأبناء العشائر الكبرى وباقي أفراد الشعب.
ان كردستان العراق دخلت على خط الفساد السالك عن طريق الحزبية والعشائرية ومنذ تخليها عن البندقية وتركها للجبال الوعرة والقدوم الى المدينة ذات الحياة السهلة والاقامة المثالية. وحسب التقارير الصحفية فأن حكومة الاقليم تسعى الى تسويق كردستان باعتبارها منطقة واعدة وتقدمية وديمقراطية وخالية من الفساد والمحسوبيات ولكن تحت هذه الواجهة يناضل المواطن الكردي العراقي في سبيل البقاء، بينما تُسرق الاموال العامة، وتجد طريقها الى جيوب الساسة الاكراد من اعضاء الحزبين المتنفذين في الاقليم. فبحسب احد قادة البيشمركة السابقين سامان الجاف ” انه اذا كنت قريبا لأحد الزعماء السياسيين فانه بامكانك الحصول على وظيفة في الحكومة مع ميزانية معينة أو الحصول عقد قد تبلغ قيمته مليوني أو ثلاثة ملايين دولار لتعبيد طريق على سبيل المثال.” واضاف ايضا، إنه ليس من المهم ان كان هذا القريب يعرف أي شئ عن تعبيد الطرق أساسا، فالعقد سوف يباع مرات عديدة، حتى يصل الى أيدي شركة انشاء حقيقية. ولكن عند ذاك ستكون قيمته نصف القيمة الأصلية.
الحقيقة البسيطة هي أن الفساد لا يزال هو العائق السائد على اقتصاد كردستان العراق. وفقًا لمسؤولين عراقيين وصناعيين على دراية بالحساب، يتم تصدير المزيد من النفط الكردي عبر محطة جيهان أكثر مما تعلن حكومة إقليم كردستان ، مما يوحي بأن بعض النفط يباع نيابة عن حزب وفرد أكثر من كونه منتجًا لحكومة إقليم كردستان . ان الكثير من رجال الاعمال يشكون من المطالب المبالغ فيها من قبل ابناء اوعشيرة البرزاني اوبعض قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني وفي الغالب تكون هذه المطالب هي عبارة عن نسبة معينة من الارباح يتم فرضها من قبل المسؤولين الاكراد على اي مشروع مطلوب تنفيذه في الاقليم. وبحسب أحد العاملين في وزارة التخطيط لأقليم كردستان العراق، ان المشاريع الحكومية لا يتم منحها بطريقة شفافة وأصولية، حيث يقول المصدر: “يحاول الوزراء وكبار المسؤولين أن يمنحوا المقاولات لشركاتهم أو للشركات التي يملكها أصدقاؤهم وذلك ليضمنوا نصيبهم من ارباح المشاريع المفترض انجازها”.
ان سبب احتكار الشركات التركية لأغلب المشاريع في كردستان وغياب الشركات الغربية (الاوربية بشكل خاص) عن العمل في كردستان هو ان المستثمريين الاتراك استطاعوا أن يتقبلوا بسهولة فكرة الفساد في الاقليم، وان الشركات التركية على لديهم كلمة السر الا وهي حصة المسؤول محفوظة أو وقعّ على العقد تصلك نسبتك بالكامل. فالشركات الغربية، لن تدخل في هكذا سوقٍ “مفترضة”، غير محسوبة النتائج للحصول على رأسمال “مفترض”. الرأسمال الغربي، هو رأسمال السوق “الرياضي”، إذ يحسب بدقة، يضرب ويقسّم، يجمع ويطرح، في حدود عقودٍ موقعة واضحة وصريحة، تحسب فيها احتمالات الربح والخسارة، بعيدا عن المحسوبيات والوساطات وسوق التواقيع السوداء.
ان تعابير القلق كانت واضحة على القادة في العراق بسبب ما يمكن أن تؤدي إليه الانتفاضة من تسريع في عملية إعادة النظر في فقرات من الدستور والغائها أو إعادة كتابتها. ذلك موقف سيء فهو يضمر قدرا من العداء لطموحات الشعب العراقي في أن يستعيد حياته السوية التي حطمها الفساد المستشري في مفاصل دولة لم يُقم أساس ولا يمكن أن ترى النور في ظل استمرار الفاسدين في استنزاف ثروات العراق. في ذلك الموقف هناك شيء من الخشية على مصير الدولة الطائفية الفاسدة وهناك أيضا خوف من أن تنتشر الاحتجاجات مثل عدوى في إقليم كردستان الذي يعاني ابناء شعبه هو الآخر من التمييز بسبب الفساد الذي يرعاه الحزبان الكبيران المحتكران للسلطة ولحصة الإقليم في الموازنة العراقية ولإيرادات النفط المهرب التي تذهب إلى حسابات السادة الكبار وهم رعاة الفساد الذي لم يسلط عليه الضوء اطلاقا.
It is in reality a great and useful piece of information.
I’m glad that you
simply shared this useful info with us.
Please keep us up to date like this.
Thanks for sharing.