العراق وكذبة الانتخابات البرلمانية

في بلاد الرافدين نحن لسنا احراراً وديمقراطيتـنا ليست سوى كذبة وان كـل ما نفعله هو اننا نختار بين ذيل وطائفي او بين قاتل وفاسد. لا يخفى على أحد ان العراق اليوم أصبح دولة للأحزاب الطائفية الفاسدة والمليشيات المجرمة دولة يسودها والقتل، والخطف والتعذيب والتهجير والتغييب والتخريب والفساد الاداري والمالي. فمع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق المزمع اجراءها خلال أكتوبر 2021 تطفو على السطح مره أخرى ظواهر لطالما رافقت وسبقت أي انتخابات برلمانية حدثت بعد عام 2003 في العراق. وهذه الظواهر العفنة كانت هي السبب الرئيس في ترجيح كفة الأحزاب الطائفية او القومية التي تريد احتكار الوصاية على الشعب والبلد باسم الأيديولوجيا الدينية الطائفية او القومية الرجعية او العشائرية المتخلفة التي لطاما كانت الطريق الأقصر للوصول الى ادمغة الناس البسطاء والجهلة. 

ان من احدى هذه الظواهر الا وهي ظاهرة علو صوت السلاح على جميع الأصوات وعودة اغتيال النشطاء والتي تتم على ايادي المليشيات الصفوية الموالية لإيران كأمثال مليشيا عصائب اهل الحق وكتائب حزب الله وسرايا الخرساني …… الخ. وتخشى قوى الاسلام السياسي المدعومة من أطراف خارجية اي منافسة قد تعيدها الى حجمها الحقيقي في البيئة الانتخابية ما دفعها الى استخدام اساليب الازاحة بالاغتيالات والتهديدات والتخويف بهدف اخلاء الساحة من المنافسين الحقيقيين. ففي الأعوام السابقة كانت ومازالت هذه المليشيات المسؤول الأول عن قتل وخطف وتعذيب وتهجير العديد من أبناء الشعب العراقي وخاصة النشطاء منهم. ومنهم من وصلت بهم الجرأة كمليشيا عصائب اهل الحق الى أعداد قائمة بالاغتيالات والتي ضمت أسماء 700 من الناشطين المدنيين الموجودين في داخل وخارج العراق بغيت اسكات صوت الشارع العراقي الذي يثور اليوم على فساد الأحزاب والمليشيات المتواجدة على الساحة العراقية. هذا الأسلوب الجبان دفع عدد من المرشحين للانتخابات البرلمانية الى اعلان انسحابهم من الانتخابات بسب تعرضهم المستمر للتهديدات والتخويف عن طريق تسلمهم رسائل تهديد خطيرة اما عن طريق رسائل الهاتف او الإيميلات من بعض الجهات السياسية المتنفذة، وخاصة التي تمتلك أجنحة مسلحة لها ومن المتوقع مع اقتراب موعد الانتخابات ان معدلات الاغتيال والتخويف والتهديد سوف تتصاعد نسبيا لغرض نشر الرعب والتخويف بين النشطاء والمرشحين وحتى الناخبين لدفعهم إلى الانسحاب من السباق الانتخابي والتأثير على العملية السياسية في العراق.

ان تحريف قانون الانتخابات الجديد كان أحد الأساليب القذرة التي اتبعتها القوى السياسية المتنفذة في البرلمان، فبعد ثورة تشرين تم تعديل في قانون الانتخابات وهذا القانون بقي على طاولة مجلس النواب لغرض المناقشة لمدة أحد عشر شهراً بحجة ان القانون الجديد لا يخدم مصالح الشعب العراقي، ولكن السبب الحقيقي وراء هذا التأخير هو انه تم التلاعب والتغيير والتحريف في الكثير من بنود هذا القانون بما يخدم مصالح النواب الحاليين أنفسهم واحزابهم بالإضافة الى الصفقات التي عقدة بين الأحزاب والنواب. ومن هذه التحريفات كانت تغيير عمر المرشح لغرض ابعاد عدد من الشباب المتوقع فوزهم، وتغيير شرط التحصيل الدراسي من دبلوم الى قبول الشهادة الاعدادية لان هناك بعض النواب الحاليين هم ليسوا من حملت الشهادات الجامعية وخصوصا الأحزاب المحسوبة على إيران، وكذلك تغيير حدود الدوائر الانتخابية بما يخدم هذه الأحزاب الطائفية والأحزاب القومية العفنة فقدم تم تقسيم الدوائر الانتخابية على أساس طائفي وعرقي ومذهبي وأيضا حسب جمهورهم الانتخابي واما المناطق التي ليست لهم فيها اليد العليا قاموا بتقسيمها الى اكثر من منطقة انتخابية وضمها الى الدوائر التي لهم فيها الثقل الانتخابي بغية اضعاف هذه المناطق مما يصعب على المرشح المستقل من الفوز في هذه المنطقة وان تقسيم هذه المناطق سوف يفرض حصر التنافس بين عدد معين المرشحين مما يسهل من عملية استهداف مرشحي الجهات المستقلة عن طريق الاغتيال او الخطف او التهديد.     

عودة مظاهر مقاطعة الانتخابات ففي كل فترة تظهر دعوات لمقاطعة الانتخابات، ولكن هذه المرة كانت الدعوات لمقاطعة الانتخابات بشكل أوسع وكانت هذه الدعوات بمشاركة أحزاب سياسية. ان دعوات المقاطعة كانت لها أسباب منها الفساد الذي يسيطر على مفوضية المستقلة للانتخابات نفسها وان عدد كبير من الموظفين التابعين للمفوضية ما هم الا غلمان تابعين للأحزاب الطائفية الفاسدة وهؤلاء الغلمان بدورهم يسيطرون على المراكز الانتخابية المنتشرة في انحاء العراق. ولهؤلاء الغلمان دور كبير في فقدان عدد هائل من البطاقات الانتخابية فبحسب بعض الموظفين من داخل المفوضية انه تم فقدان أكثر من مليون ونص الى مليوني بطاقة ناخب بينما يضيف البعض الى ان عدد البطاقات المفقودة يصل الى ثلاثة ملاين بطاقة مفقودة من أصل 25 مليون بطاقة. ومن الأدوار الأخرى للغلمان الا وهو المساعدة في اختراق وتخريب وسرقة اغلب الأجهزة الالكترونية والسيرفرات والبصمات بالإضافة الى التلاعب بوحدة الخزن الموجودة في هذه الأجهزة من خلال تغيير البيانات وتزويرها لخدمة مصالح احزابهم الفاسدة. 

التفجيرات والحرائق المجهولة الفاعل كانت هي الرفيق الدائم الى موعد ما قبل الانتخابات وتزايد في اعداد التخريب في البلاد من تفجير واحراق بعض الدوائر او الممتلكات العامة كلها تندرج تحت الفعل السياسي. فبحسب الاحصائيات السابقة فان ساحة الطيران في بغداد شهدت منذ عام 2011 الى 2018 خلال فترة الانتخابات او خلال مفاوضات تشكيل الحكومة هي تسع تفجيرات و158 قتيل وأكثر من 300 جريح مع غياب تام للأجهزة الاستخباراتية والأمنية في المنطقة.

لا شيء يوحد الناس حول قائدهم كخلق عدو مشترك ولذلك نرى ارتفاع صوت الطائفية ومحاولة زرعها من جديد بين أبناء الشعب بغيت نشر سياسة فرق تسد لحصد المزيد من الأصوات وادامت وجودهم في المرحلة السياسة وان هؤلاء السياسيون الفاسدون واحزابهم وميليشياتهم يعرفون ان الطريقة الوحيدة للوصول الى بعض الادمغة المتخلف والجاهلة يكون عن طريق الخطاب الطائفي. فنرى ان الخطاب الطائفي سوف يبدأ بالتصاعد مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية. وأخيرا ظاهرة ظهور المال السياسي المشبوه الذي يدعم المرشح وفي العادة يكون مصدر المال هو المليشيات المتنفذة والأحزاب المتنفذة لدعم أي مرشح مستعد لدعم وتنفيذ اجنداتهم المريضة بعد الفوز في الانتخابات.

ان الانتخابات البرلمانية القادمة لا تبشر بحدوث أي تغيير في الواقع السياسي المستقبلي للعراق وان النتائج الانتخابية القادمة نتيجتها محسومة لصالح التحزبية والطائفية والعرقية والقومية وان مستقبل العراق سوف يظل عالق في ايادي المفسدين من الشيعة والسنة والاكراد، ولكن التاريخ علمنا ان الشعوب لا تموت وان الطغاة دائما ما يكون مآلهم الى مزبلة التاريخ. اليوم إذا ناشدنا التغيير في العراق فيجب اجتثاث جميع الطبقة السياسية الفاسدة لبناء وطن لا يميز بين طائفة او مذهب او قومية بلد يضم جميع أطياف الشعب العراقي.          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.