أيام البارزاني كزعيمٍ كردي أصبحت معدودة

مايكل روبن

على مسرور بارزاني أن يقلق.

فإقليم كردستان العراق ليس بالقدر من الأمن والاستقرار الذي يتخيله رئيس الوزراء الإقليمي ووريث العائلة البارزانية النافذة. فـ سوء الإدارة والفساد أدّيا إلى تدهور اقتصادي حاد، واستراتيجيته القديمة القائمة على “شراء الولاءات” لم تعد مجدية مع اقتراب نفاد الأموال.

في الأسابيع الأخيرة، حاول مسرور أن يلمّع صورته بين المواطنين الأكراد من خلال فيلمٍ وثائقيّ يشبه في أسلوبه دعاية الطغاة أمثال صدام حسين وعيدي أمين. الفيلم يركّز على “صلابة” مسرور، لكن الأكراد على “فيسبوك” يسألون: كيف يمكن لرجلٍ أن يدّعي الصمود وهو لا يستطيع إلقاء خطابٍ في الهواء الطلق من دون جلب أجهزة تكييفٍ لتبريده، بينما يواجه المواطنون انقطاع الكهرباء يوميًا وارتفاعًا جنونيًا في أسعار الوقود والطاقة؟

بدأ الأكراد بالفعل يتساءلون: ماذا حقق مسرور فعلاً؟
هل هو بالذكاء والحنكة التي يصوّرها في فيلمه؟
لقد تحدّثتُ مع عددٍ من الدبلوماسيين، وقادة المجتمع المدني الكردي، والطلاب، وحتى بعض المسؤولين في حزبه نفسه، وجاءت التقييمات قاتمة.

يعترف المسؤولون الأجانب بأن مسرور هو من يملك السلطة الحقيقية اليوم، لكنهم يفضلون التعامل مع ابن عمّه نيجرفان بارزاني، رئيس الإقليم الشكلي. فالتفاوض مع نيجرفان يشبه العمل مع السياسي الأمريكي ويليام “بوس” تويد، زعيم آلة الحزب الديمقراطي في القرن التاسع عشر؛ بينما التعامل مع مسرور يشبه العمل مع رجل المافيا نيويوركي فرانك كوستيلو. كلاهما فاسد، لكن الفارق في الأسلوب والاحتراف.

يصف مسرور نفسه على “تويتر” بأنه يبني كردستان أقوى، لكنّ الإجماع العام يقول إنه فشل فشلاً ذريعًا.

فلننظر في الوقائع:

  • الاستفتاء على الاستقلال الذي دفع إليه تسبب بخسارة الإقليم لمناطق غنية لصالح الحكومة الاتحادية، بما فيها بعض من أغنى الحقول النفطية في شمال العراق. كما رفض عرضًا من البيت الأبيض بدعم الاستفتاء مقابل تأجيله لعامين. لو لم يتصرف بتهور، لربما كانت كردستان اليوم دولة مستقلة.
  • سوء إدارته وجشعه وتغوّله أجبر حكومة الإقليم على التنازل الكامل عن ملف النفط والغاز لبغداد. الحزب الديمقراطي الكردستاني اليوم في أضعف موقع له في العاصمة العراقية منذ عام 2003، وربما منذ تعاون والده مسعود بارزاني مع الدكتاتور الراحل صدام حسين.
  • بينما سعى والده المريض في سنواته الأخيرة إلى الوحدة والتوازن بعد انقسامات السبعينيات وحرب 1994-1997، فإن مسرور وشقيقه الأصغر “ويسي” أعادا الإقليم إلى أسوأ انقسام حزبي منذ ربع قرن. إذ أصبح الصراع هذه المرة بين أبناء العمومة والإخوة أنفسهم. الحزب الديمقراطي يواجه أخطر أزمة داخلية له منذ عام 1975.
  • الفساد في كردستان كان دائمًا سيئًا، وربما أسوأ من باقي العراق، لكنه الآن بلغ مستوياتٍ غير مسبوقة. بدل أن يبني “دبي جديدة”، يبني مسرور “إريتريا جديدة”. الشباب الأكراد، المتعلمون واليائسون من إيجاد مكان في نظامٍ فاسد، يخاطرون بحياتهم عبر المهربين نحو أوروبا — وكثيرون منهم يموتون في الطريق. ولو كان مسرور يؤمن فعلاً بدعايته، لما خاف من الصحفيين الإقليميين، لكنه يخاف الحقيقة، ولهذا يسجنهم.
  • البيشمركة في أضعف حالاتها. فبينما يتفاخر مسرور اليوم بهزيمة تنظيم “داعش”، كانت الميليشيات الشيعية هي التي حررت المدن فعلاً، ما أفقد الأكراد نفوذهم بعد الحرب. لقد خزّن مسرور المعدات الضرورية للقتال حفاظًا على سلطته الخاصة. حتى بعض كبار الضباط حاولوا الفرار عندما اقترب “داعش” من أربيل قبل تسع سنوات. وما زال مسرور حتى اليوم يخفي قوائم الرحلات الجوية حتى لا يُعرف من هرب في ساعة الخطر.
  • في أنقرة، يتصرف كـ “تابعٍ ذليل”. يلتزم الصمت بينما تقتل الطائرات التركية المدنيين داخل أراضيه.

إنها الهدوء الذي يسبق العاصفة.
الغرب يظن أنه يستطيع التعامل مع ديكتاتور طالما أنه يحافظ على “الاستقرار” ويكبح نفوذ إيران، لكنه مخطئ مرتين:
أولاً، لأن تهريب بارزاني إلى إيران مستمر بوتيرة عالية — فهو سيتعامل مع أي جهة تُعزز سلطته.
ثانيًا، لأن الأكراد الغاضبين من قسوته وفشله جاهزون للتخلّص منه.

لقد هيمن والده مسعود على السياسة الكردية العراقية طوال أربعين عامًا، لكن السؤال اليوم:
هل يستطيع مسرور البقاء لعامين آخرين فقط في الساحة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *