أفاعي الفساد في كردستان العراق

 اليوم يظهر الدكتاتور الصغير مسرور برزاني على الملأ ليعلن ان حكومة الاقليم مديونة بمقدار 27 مليون دولار، ولكن استنادا الى التقارير لا يشكل هذا المبلغ عائق كبير بحجم الثروة التي يمتلكها كلا من عائلة البرزاني او الطالباني! ورغم هذا يطالبون الناس بعصر بطونها وأن يبقوا على قيد الحياة بربع الرواتب والأجور. انهم يدعون بأنه لا يمكنهم تأمين رواتب موظفي الاقليم، في الوقت الذي تؤمن، واستنادا الى التقارير، أن الحزبان الحاكمان الفاسدان يملكان مليارات الدولارات وأن مصادر هذه الاموال من قوت الشعب. واليوم يطالبون الناس في كردستان بعصر بطونهم بينما يعيشون هم وعوائلهم وحاشيتهم حياة الملوك والفراعنة. وانهم ابدعوا بشكل ملفت للنظر في بناء القصور والمباني الفخمة وفي موديلات السيارات وطائرات الهليكوبتر والمنتجعات الخاصة وحياة العربدة. وعلى الجانب الآخر تعجز العديد من النساء عن تأمين الحليب لأطفالهن الرضع. تعجز عوائل ضحايا الحروب الطويلة ضد نظام البعث وضحايا الحملات الكيمياوية والأنفال عن تأمين حتى الخبز الجاف، أما الجماهير الواسعة من العمال التي تدور على أكتافهم عجلات الإنتاج في المجتمع، دعك من حرمانهم من أبسط الحقوق والخدمات، يعجزون حتى الآن عن تأمين مصاريف الادوية والعلاجات الطبية وعن تأمين حتى وسائل التدفئة.  لقد اثقل الحزبان الفاسدان كاهل الأجيال القادمة بالديون وقاموا بتحويل كل حقوق الناس الى نقود وأودعها في حسابات خاصة في بنوك العالم.

تسيطر كل من عائلة الطالباني على المشهد السياسي في السليمانية، وكذلك عائلة البرزاني في أربيل ودهوك بشكل كامل، لكن هناك بعض المحاولات من بعض الأحزاب الصغيرة المناهضة لإنهاء هيمنة الحزبان لكن تحركها يبقى دون نتيجة تقريبا. وفي (22 أيار 2020) أعلن رئيس حكومة إقليم كوردستان، الفاسد مسرور البارزاني، أن الإقليم مدين بـ 27 مليار دولار. السؤال الآن هو هل حقا حكومة الإقليم مفلسة؟ وهل ان حكومة الاقليم معتمدة اعتمادا كليا على 17% من الموازنة العامة، هل ان حكومة الاقليم ليس لها اي موارد ومصادر لدفع رواتب الموظفين؟ انا اود في هذا المقال أن استعرض واردات اقليم كردستان بمختلف انواعها والكشف عن بعض ملفات الفساد والسرقات التي تتم من قبل  الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

ان اقليم كردستان العراق يمتلك أن أكثر من 200 مصفاة قانونية وغير قانونية وأن هناك في أربيل وحدها من 65 مصفاة من أصل 124 غير قانونية حسبما كشف موقع أي كورد. وانه بحسب الاستجواب الذي تم بواسطة النائبة عالية نصيف النائبة هدى سجاد لوزير النفط العراقي ثامر الغضبان ان الطاقة الانتاجية لأقليم كردستان هي  450 الف برميل الى 600 الف برميل من النفط الخام يوميا. كما  أعلنت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة في يوليو 2019، أن شركة طاقة آتروش بي في “طاقة العراق”، سجلت رقماً قياسياً جديداً في إنتاجها من حقل أتروش النفطي في إقليم كردستان العراق تجاوز إجمالي حجم الإنتاج الشهري من النفط المليون برميل. فبحسب تقرير هيئة النزاهة في العراق المكون من 538 ورقة، رقم 8848، المؤرخ بتاريخ 31 كانون الأول 2019، فإن مقدار النفط الذي تم بيعه من قبل حكومة اقليم كردستان بدون علم الحكومة المركزية في بغداد يبلغ 128 مليار دولار. في حين انه منذ 2003 وحتى الآن لم يسلم أي واردات من النفط الخام إلى الحكومة الاتحادية في بغداد. وان اتفاقية النفط مقابل الرواتب التي أبرمت بين الحكومة الاتحادية  وحكومة الإقليم والتي تنص على إرسال عائدات النفط 250 ألف برميل يوميا مقابل استمرار صرف رواتب موظفي اقليم كردستان من الحكومة الاتحادية في بغداد. فقامت حكومة بغداد بارسال رواتب موظفي اقليم كردستان ولكن حكومة الإقليم لم ترسل اي مبالغ من عائدات نفط  الاقليم الى الحكومة الاتحادية. ولكن السؤال هو أين تذهب هذه العائدات النفطية لأقليم كردستان العراق علما ان الإقليم يتكون من ثلاثة محافظات فقط وهي اربيل وسليمانية ودهوك.

فبحسب المصادر الاعلامية ان نواب حركة “التغيير” الكردية المعارضة في الإقليم قاموا بتسليم مسؤولين ونواباً في برلمان الحكومة الاتحادي في بغداد معلومات عن النفط، الذي يهرّب إلى خارج الاقليم عبر تركيا وإيران وكميته، والأشخاص المتورطين به، وكذلك عمليات التهريب بالصهاريج لمافيات وشبكات تركية وإيرانية، وكثير منهم مقربون من الحزب الديموقراطي بزعامة الدكتاتور مسعود البارزاني والحزب الاتحاد الكردستاني، وتحديداً جناح المقبور طالباني في السليمانية. تقول النائبة سروة عبد الواحد التي كانت عضوة في برلمان اقليم كردستان انه اغلب النواب في برلمان اقليم كردستان لم ولن يعرفوا كم وأين كانت تذهب صادرات نفط إقليم كردستان. وتضيف النائبة ان جميع العقود النفطية كانت تذهب الى شركة كار التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني وشركة قيوان التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني. ويعد ملف النفط بين حكومة المركز والإقليم من أكثر الملفات فساداً، وبحسب تقارير فإن مسؤولين في الحكومتين يشتركون في تهريبه إلى الخارج للاستفادة من عائداته لمصالحهم الشخصية والحزبية، فضلاً عن المليشيات التي تسيطر على كثير من حقول النفط في العراق.

وفي احدى المقابلات التلفزيونية مع النائبة آلا طالباني تقول انه في 14 تموز 2014 قامت قوات من الحزب الديمقراطي الكردستاني بالاستيلاء على ثلاثة آبار نفط رئيسية (افانا وحقل باي حسن) في منطقة الدبس في كركوك وهذه الابار تمثل 70% من انتاج كركوك للنفط وتضيف النائبة أنه بعد الاستيلاء على الابار قامت القوات بتسليمها الى شركة كار التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني. بالإضافة الى سيطرتهم على استخراج النفط من حقل نفطي بين كركوك وبلدة كويسنجق، وآبار في حقل “بابا كركر” النفطي، وحقول جنوب شرق إربيل تستثمر فيها شركات نفط إماراتية أبرزها شركة دانة غاز. وبحسب المعلومات الصادر عن أحد المسؤولين العراقيين ان الاقليم كان يصدر فقط من كركوك نحو 550 ألف برميل يومياً من كركوك عبر اربيل إلى ميناء مرسين وميناء جيهان التركي ثم يتم شحنه الى بعض دول بحر المتوسط.

أن عدد المنافذ الحدودية الرسمية في اقليم كردستان 5 نافذ وغير الرسمية 4 منافذ بالإضافة الى 20 معبر غير رسمي مع سوريا وإيران. وان عائدات المداخل الحدودية والضرائب والرسوم والتعريفة الجمركية تصل الى قيمة 10 مليار دولار سنويا وانه لم يتم تسليم حكومة بغداد أي من هذه المبالغ منذ 2003. بالإضافة الى عائدات الاتصالات والنقل التي تدر ملايين الدولارات علما ان اقليم كردستان يحتوي على ثلاث شركات للاتصالات وايضا لم يتم تسليم أي مبلغ من هذه المبالغ للحكومة الاتحادية. اضافة الى الواردات من تجارة الغاز الطبيعي والسيطرة على المشاريع التجارية ومشاريع الطرق والجسور والمشاريع السياحية والبناء والاعمار والمشاريع الصحية والخدمية و.. الخ محتكرة من قبل شركات تابعة للحزبين الحاكمين.

وهذا وبالاضافة الى تحويل ملايين الدولارات بشكل غير قانوني من عائدات النفط دون إدراجها  في الخزينة العامة في بغداد من قبل وزير المالية وعضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الحرامي فؤاد حسين بالتواطؤ مع المجرم عادل عبد المهدي الى اقليم كردستان العراق او بالاحرى الى جيوب البرزانية والحزب الديمقراطي الكردستاني، مع العلم ان حكومة الاقليم لم تسلم عائدات نفط الإقليم المتفق عليها مع الحكومة الاتحادية في بغداد منذ 2003 ولحد الان.  بعد كل هذا الاموال يظهر مسرور البرزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان في 22 أيار 2020 ويعلن أن الإقليم مدين بـ 27 مليار دولار، مشيراً إلى أن جزءاً من هذه الديون تقع على عاتق الحكومة الاتحادية.  

ذكرت صحيفة “الوطن” السعودية في تقرير لها أن أجهزة رقابية دولية معنية برصد حركة الأموال وتنقلها أكدت أن حجم أموال زعماء سياسيين فاسدين في العراق، بلغت أكثر من مائتي مليار دولار على شكل أموال سائلة وعقارات واستثمارات في دول عربية وأجنبية. وكشفت ايضا، أن أموال رئيس إقليم كردستان السابق مسعود برزاني بلغت 48 مليار دولار، مشيرة إلى أنها عبارة عن سندات وعقارات ورهانات في شركات سويسرية وألمانية وإيطالية والإمارات وقبرص والمملكة المتحدة. وفي اكتوبر2017، قدرت صحيفة “يني شفق” التركية ثروة مسعود برزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، غير القانونية بـ 55 مليار دولار، مشيرة الى أن الأخير جمع ثروته بطرق غير مشروعة، ونقلت عن مسؤول سابق في حكومة الإقليم قوله، إن “قيمة الثروة التي يمتلكها برزاني والتي جمعها من خلال الانشطة غير المشروعة تقدر بـ 55 مليار دولار، وأن برزاني  جمع مع ابناءه وأخوته وأقاربه ثروته بطرق غير مشروعة وحشد الأموال لحسابه الشخصي. فيما يشير احد الصحفيين في بلجيكا بأن مجموع ما تملكه عائلة البرزاني هو 372 مليار دولار. علما إن حوالي 87 بالمئة من الأسر في إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي يحصلون على أقل من 750 دولارًا شهريًا، وفقًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان.

وبحسب شاسوار عبد الواحد رئيس كتلة الجيل الجديد ان هناك أربع شركات تابعة للحزبين الحاكمين في إقليم كردستان وحدها تمتلك 32 مليار دولار التي تعد كافية لتغطية رواتب الموظفين في اقليم كردستان العراق لمدة خمس سنوات واضاف ايضا ان الحزبان الحاكمان يقومان بسرقة 120 مليون دولار من عائدات الواردات او المداخل الحدودية والمطارات. وكشف موقع “ريل ديل” الأمريكي عن صفقة ثنائية “سرية” لنجلي رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني “مسعود برزاني” أسفرت عن شراء قصرين بقيمة 47 مليون دولار في بيفرلي هيلز في مدينة لوس أنجلوس. وقبل بضع سنوات  كشفت مجلة التجارة والاعمال القطرية أن منصور بارزاني قد خسر في احدى الليالي في دبي مبلغ 3 مليون و200 ألف دولار على لعبة القمار. المصادر ذكرت ايضا ان ما يخسره ابنه البكر مسرور البرزاني قد فاق اخيه منصور في تبذيره للمال العام سواء في سويسرا او امريكا، وان مسرور قد اشترى فله بامريكا تقدر بعشرة مليون دولار وهذا ما اكده الباحث الأمريكي (مايكل روبن)، حيث اعلن في مقال له أن مسرور برزاني اشترى فيلا في واشنطن بقيمة عشرة ملايين دولار أمريكي. وبتاريخ 22 ابريل 2020 ظهرت فضيحة جديدة تخص عائلة البرزاني الا وهي تهريب مبلغ مليار دولار الى أحد المصارف في لبنان بالتعاون مع تيدي وريمون رحمة، مالكي شركة ZR ENERGY اللبنانية.

اما عائلة المقبور جلال طالباني ، بما فيهم زوجة جلال طالباني، هيرو إبراهيم وأبنائها بافل وقباد وأقاربهم إلى جانب قادة آخرين من الاتحاد الوطني الكردستاني مثل كوسرت رسول وأبنائه، يتهمهم المراقبون والسياسيون بجمع ثروات ضخمة من تجارة النفط في مناطق كركوك ومصادر اخرى في السليمانية. وتصل ثروة جلال الطالباني الى أكثر من 16 مليار دولار، وزوجته هيرو وصلت ثروتها الى 9 مليار دولار واما ثروة قباد الطالباني تقدر ب 7 مليار دولار.  

في الأشهر التي مضت شهدت كل من محافظة السليمانية ومحافظة دهوك في اقليم كردستان العراق تظاهرة احتجاجية للكوادر التدريسية والموظفين للمطالبة بصرف رواتبهم المتوقفة منذ بداية عام 2020 وإنهاء العمل بنظام ادخار الرواتب. وقامت قوات الاسايش المجرمة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الكردستاني باستخدام القوة لفض التظاهرات التي شارك فيها المئات في السليمانية ودهوك للمطالبة بصرف مرتبات المعلمين والمدرسين. وقد قتل شخص واحد في السليمانية واصيب العشرات بجروح وتم اعتقل نحو 200 متظاهر بحسب تصريحات لسياسيين وبرلمانيين بإقليم كردستان. ويعاني موظفو كردستان من تأخير في صرف مستحقاتهم المالية منذ شهور عديدة، اذ خرج العشرات من الموظفين من مختلف الشرائح بمحافظة السليمانية في 7 أيار 2020، بتظاهرات احتجاجا على سوء الوضع الاقتصادي وتأخر صرف رواتبهم. وفي تاريخ 22 شباط 2020، تظاهر أيضا المئات من الأكراد في السليمانية ثاني كبرى مدن إقليم كردستان العراق ضد حكومة البرزاني الدكتاتورية الفاسدة بسبب تفشي الفساد وضعف الخدمات الأساسية في كردستان. وتأتي التظاهرات في وقت تشهد بغداد والمحافظات الجنوبية حركة احتجاجية منذ أكتوبر الماضي ضد الفساد والطبقة السياسية الحاكمة في البلاد بغية التخلص من جميع انواع الفساد المستشري في البلاد والحصول على حياة حرة ورغيدة.